ندوة حريه الاعتقاد

مركز الكلمة لحقوق الانسان

الأستاذ/ ممدوح نخلة

 

نص الدستور المصري الدائم لسنة 1971 في الباب الثالث تحت عنوان الحريات العامة  في المادة 46 " على أن تكفل الدولة حرية العقيدة و ممارسة الشعائر الدينية

و في المادة 47 نصت على "حرية الرأي و التعبير و حظرت رقابة الصحف و المطبوعات "

 

و هذا جزءا من الإعلان العالمي الذي وقعت عليه مصر و اصبح جزءا من تشريعها الداخلي

و هذا الإعلان أيضا في المادة 18 ينص على حرية الدين و الضميرو أن لكل فرد الحق في أن يعتنق أي دين و أن يمارس الشعائر الدينية مع جماعة أو كفرد سواء سرا أو جهرا .

 

و مادة 19نصت على حرية الرأي و التعبير في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

عندما حددنا ميعاد الندوة و موضوعها لم نكن نتصور أن هذا اليوم موافق لذكرى ميلاد الشهيد فرح فوده ، شهيد حرية الرأي و التعبير ، هذا الرجل الذي عاش من أجل إحياء حرية الرأي و التعبير و مات من أجل المبادئ .

 

لن أتحدث طويلا عن فرج لأن معنا بعض ممن عاشوا مع فرج و رافقوه ساعات طوال  و منهم الأستاذ كمال بولس عضو مؤسس بمركز الكلمة و مركز بن خلدون و حزب المستقبل و الجمعية المصرية للتنوير ،  و إليه الكلمة .

 

 

الأستاذ / كمال بولس

 

موضوع اليوم هو موضوع هام جدا، فموضوع حرية الرأي و الاعتقاد  للأسف أن كثير من المثقفين أنفسهم يحاولوا أن يتجنبوه لما به من أمور شائكة .

 

أبدأ في سرد بعض النقاط الهامة التي يتضمنها الدستور المصري :

الدستور المصري في أول فقراته ( مصر دولة إسلامية )

و هذا نص يساء فهمة و تأويله من المثقفين قبل العامة ، و يتحول إلى قيد علي حرية العقيدة في حين أنه نص يفيد أن أغلبية الدولة من المسلمين ليس إلا ، و لو فهمناه أن مصر دولة للمسلمين فقط إذن غير المسلم ليس له حق المواطنة وهو مواطن بالانتساب أو غير مواطن أصلا ،و هذا ما يرفضه الضمير البشرى . و هنا يجب أن يرفع من الدستور .

نحن نحترم الدين الإسلامي كدين له مباديء و قيم أخلاقية قيمة

لكن الدولة شخص معنوي ليس له علاقة بالدين ، و لكن إذا سلمنا بهذا المفهوم الخاطئ لهذه الفقرة من الدستور فهذا يؤدي إلى :

 

 

 

   1.    إحلال مفهوم الدولة الدينية بدل الدولة المدنية ،و هذا ما نرفضه جميعا ،  و الدولة شخص معنوي لا عقيدة لهاو هي بعيدة عن هذا المعنى

   2.    مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع ، و هناك فرق بين المبادئ و بين الشريعة ذاتها ، لا يوجد مثقف يختلف علي المبادئ و لكن لا علاقة لنا بالشريعة ذاتها لأنها خاصة بالدين و ليس بالدولة ، و قد تحدث عبد القادر عودة عن المبادئ بشكل عام .  الخلاف أن الشريعة أصبحت هي ذاتها مصدر التشريع .

   3.     حرية الاعتقاد المطلق ، في دستور 23 كان مكتوب حرية الاعتقاد الديني المطلق و لكن في التعديل حذفت كلمة الديني ، لكي لا يكون عثرة في تحويل المذاهب و منذ تعديل 1971 أصبحت الحرية خاصة فقط بمن يدخل فقط لدين الإسلام و ليس من يخرج منه لأي دين آخر ، فحرية الاعتقاد اصبح لها اتجاه واحد هو الاتجاه إلى الإسلام 0 و هذا عكس مفهوم الحرية العامة ذاته و نجد أن المثقفين المسلمين نفسهم يرفضوا هذا .

 

        ·           ميثاق حقوق الإنسان الإسلامي ، ومدى اتفاقه مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

 

ظهرت  ثلاث عقبات أمام حقوق الإنسان الإسلامي : 

1-    العقوبات البدنية و الإسلام كشريعة له تطبيق في هذا الأمر

2-   دور المرأة و لا يمكن للإسلام أن يأخذ ما جاء في الإعلان العالمي كما هو لأن له نظرة مختلفة في بعض الأمور الخاصة بدور المرأة داخل المجتمع

3-  موقف الإسلام من الردة و هذه أهم نقطة ، إطلاق حرية الاعتقاد إلى الإسلام واردة أما الخروج منه فممنوع ليس هناك ذهابا و إيابا 0

 

في أوربا التي لا تعترف بدين غير إيمانهم الوضع مختلف جدا ، من حق أي فرد أن يؤمن كما يشاء و أن يبني دور عبادة كما يشاء

و هذا الأمر في مصر يجعلنا نتطرق إلى حقوق الأقليات ، و الأقلية الدينية هي من أهم الأقليات في مصر 0و المقصود بها من يعتنقوا دينا غير الإسلام ، و جميع الإحصائيات للأقليات محل اعتراض دائم من الحكومات 

الشيوعيين ، المسيحيين ، البهائيين ، و البهائيين صدر عليهم أحكاما كثيرة في الآونة الأخيرة

الحقيقة نحن لا نملك من حرية الاعتقاد سوي الإسم فقط و الأكاذيب .

أحب أن أختم ببعض الكلمات عن فرج فوده ، و الكلام عن فرج يحتاج لوقت طويل

فرج من مواليد 20/8/ 1945

فرج قال :

                                                                                                                                     ·          من اجل مصر الحاضر و المستقبل

0 الوحدة الوطنية إيمانا ينبع من العقل و القلب

كرامة الإنسان و قد كرمته السماء و الأرض ، جيلا لم يقل كلمته بعد

من أجل جيل حكمته ثلاث دساتير

من أجل جيل حيا ثلاثة أعلام

من أجل جيل سمع ثلاثة سلامات وطنية

وقعت حكوماته ثلاث مواثيق دولية

حاربت جيوشه ثلاث حروب

من حق هذا الجيل أن يرفض هذا الثالوث الكريهه ………

 

 

من بعض الأقوال عن فرج :

 ·          إن الصراع الذي قاده فرج هو صراع التقدمية ضد الرجعية و الحرية ضد التخلف

 ·          وقف فرج وحيدا في مواجهة هجمة رجعية متخلفة

 

علي لسان أ / كمال بولس

" . لقد كنت الوكيل الرسمي في حملات فرج الانتخابية في عدة سنوات و في انتخابات 87 أطلق علينا رصاص من الجماعات الإسلامية أثناء سيرنا بالشارع ، و كانت أول فتوي بقتل بفرج فوده من الشيخ عمر عبد الرحمن في ذلك الوقت .

 

كانت نتيجة الانتخابات في صالح فرج و كان مكتسحا إلى أن وصل تليفون من الداخلية و سألوه صراحة هل أنت معنا في الحزب فقال لا ، و بعدها مباشرة حدث التزوير و سقط فرج بالكذب ، و الشرائط و القضايا موجودة و شاهدة ، و هذا ما تكرر في ترشيحه بعد ذلك أيضا فى أول التسعينات .

في 27 يناير في مناظرة فرج بالإسكندرية بمنطقة رشدي كان كثيرا من الجماعات الإسلامية موجودين و سمعتهم يقولون عن فرج ( هذا الرجل ليس له حل إلا الموت لابد أن يقتل )

و هو نفس العام الذي مات فيه فرج

فقصة فرج هي قصة كفاح من أجل الحرية ، من أجل مصر…….

 

الأستاذ / ممدوح نخلة

السائرون خلفا

المتكبرون صلفا

المتحدثون خرفا

القارئون حرفا

التاركون حرفا

المتسربلون بجلد الشياة

الأسود إن غاب الرعاة

الساعون ان ازفت الآزفة للنجاة

الهائمون في كل واد

المنكسرون المرتكسون في ظل الاستبداد

المقتحمون في مواجهة الارتداد

الخارجون عن القوانين المرعية

لا يردعهم إلا توعية راعية

ولا يعيدهم إلى مكانهم إلا سيف الشرعية

لا يجدي معهم حوار أو كلام

وإلا فقل على مصر السلام

 

من كلمات فرج فوده التي نشرت في روز اليوسف سنة 1986

حفظت هذه الكلمات تليفونيا من مكالمة مع فرج فوده قبل أن تنشر و من وقتها و أنا أرددها

الكلام عن فرج يحتاج الكثير ، يحتاج لندوات و ندوات

 

المفكر العالمي دانتي قال :

 ( إن قاع جهنم محجوز لأولئك الذين يقفون على الحياد عند تعرض القيم للخطر )

و في الثمانينيات و التسعينيات من هذا القرن تعرضت القيم في مصر للخطر علي يد جماعات التأسلم السياسي

و كان فرج هو الذي يتصدي لهذه الجماعات بشجاعة نادرة ، فى وقت كان الخوف مطلوبا و الشجاعة تهورا كان فرج بلا غطاء أمني أو إعلامي  ، في وقت كان التردد هو سمة العصر

في وقت كان الجميع فيه يترددون كان فرج مقداما لا يعرف التردد

كان أسدا ضاحكا .. كان قويا.. فرج  كان الوحيد الذي يمسك بقلمه ليحارب و يتصدي لهؤلاء

 

و الآن الكلمة للمستشار مرسي الشيخ ، أحد أقطاب المحاكم و هو رجل قانوني بارع ، و أحد الثوار ممن يسيرون على نهج فرج

 

المستشار/ مرسي الشيخ

 

( بداية الدين لله و الوطن للجميع ) ، أخطر ما تعرضت له مصر في تاريخها القديم و الحديث هو الإرهاب .

لم يكن الإرهاب يميز بين مسلم و مسيحي ، كانت يد الغدر تغتال من يطولها يدهم .

حتى صابر المجنون الذي اغتال عدد كبير من السياح أمام المتحف و كتبت مقالا وقتها قلت فيه( ليس صابر وحده المجنون )

لأريد أن أقف عند معنى حرية العقيدة ، فحرية العقيدة منصوص عليها في القانون و الدستور ، و الدستور لا يفرق بين المواطنين بسبب الجنس أو العقيدة أو النوع . لكن في الحقيقة لا يطبق هذا الكلام .

فمشاكل المواطنين متساوية في مصر ، القاضي عايز ابنه يكون قاضي ، ورئيس الجمهورية عايز ابنه يكون رئيس جمهورية ، قضية خطيرة ، قضية توريث السلطة ,

فالدستور في بلدنا في واد و التطبيق في واد آخر .

مادة 46،47،48 من الدستور كلام رائع ، حق الكلمة .. حق الانتخاب .. حق في ممارسة كل الحريات و لكن ..

كان فؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد عندما يتطرق لموضوع يمس شخص يهم الحكومة يتصلوا به ( الله يخليك بلاش فلان ده ليه مصالح عندنا ) ماذا نكتب إذن وهل الجريدة ملكهم ؟؟

 

إن كانت الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع ، لكنها ليست المصدر الوحيد ، لكن مجلس الشعب يأتي بقوانين جديدة ( مصر دولة إسلامية )

أنا لا أعتقد أن غير المسلم يتحول للدرجة الثانية ، هل المفكرين المسلمين يعادون المسيحيين ؟ في رأي أنا لا ، و لكن هناك جهل عند البعض .

الوحدة الوطنية أقدم من الزمان لم تهتز إلا عندما تدخلت فيها السلطة .

كانت العلاقات طيبة للغاية ، لم نتعلم التفرقة إلا من هؤلاء الأمراء الذين يتحكمون في السلطة

و نحن اليوم كلنا في مواجهة الإرهاب و نرفضه مسلمين و مسيحيين .

 

 ·           ما الحل ؟؟

الديمقراطية هي السبيل الوحيد لمصالحة هذا التمزق سواء كانت له جذور سياسية أو دينية

الديمقراطية تحمل كل معاني الحرية و حقوق الإنسان .

و القرآن في الخطاب الديني الحقيقي قال 000" لكم دينكم و لي دين "

و قال أيضا 00" يأيها الناس ثم في نص آخر" ، "000 يأيها المؤمنون " يخاطب الناس كافة ، و يخاطب المؤمنين ، القرآن نفسه يحمل معنى الحرية و لم تأت الأديان إلا لتخلق في عقولنا و قلوبنا الإنسانية .

 

 

 

 

 ·          النقطة الأخيرة :

الخائفون من الديمقراطية فقط هم الخائفون على مقاعدهم في السلطة ، فلو تحققت الديمقراطية الأمور ستتغير جدا . سيتحول الغلابة إلى قنابل موقوتة .

لقد ضاع الانتماء من قلوب كثيرين نتيجة التسلط و اذكر أحد المثقفين الذي قال :

" البلد اللي تحميني و أحميها أنا أبأة ليها "

في بلدنا من السهل أن يذهب أي إنسان وراء الشمس ولا أحد يعرف عنه شيئا ، فأنا و أنا أعمل بالقضاء أخاف من ذلك فما بالنا بالمواطن العادي   ؟؟؟؟

يا مصر إن لم تغضبي . فحق عليك ألا تنجبي..

 

 

أ/ ممدوح نخلة

من شجاعة الشهيد فرج فوده أتذكر له هذه الكلمات :

" لا يمكن أن أقابل الطلقات بالقبلات

ولا يمكن أن أرد على الكلاشينكوف بالقلم و الحروف

ولا أرد على الرصاصة بالحكمة و الموعظة الحسنة

فالجنازير تقابل بضرب الرصاص

و البنادق تواجه بالمدافع الرشاشة

و لكن إن كان الحوار هو بالكلمة و العقل ، فلابد أن يكون الرد بالحكمة و بالحجة و بالمنطق. "

كما أتذكر مقولته الشهيرة

" إلى الذين يقفون بين بين ، إلى الذين يمسكون العصا من المنتصف "

لكن كان فرج يقف موقفا واضحا و كان يمسك العصا من الطرف و يواجهه . ولم تكن عصاه هى عصا إرهاب بل عصي عكاز و نصيحة و تأديب .

 

تعوزني ساعات طوال كي أتحدث عن فرج لكني أترك الكلمة للأستاذ عضو مجلس الشورى و مؤسس حزب الدستوري المصري و الثائر المصري الكبير الأستاذ / ممدوح قناوي

 

الأستاذ / ممدوح قناوي :

 

 ·     في البدء كانت الكلمة و نحن على طريق شرف الكلمة ، و حرية الكلمة ، نجتمع لنحيي ذكرى لثائر عظيم .. في فترة من أحلك الفترات الظلامية التي عشناها في مصر .

ومن جيل الستينات ، جيل الانكسار و الانتصار ظهر فرج فوده .

فرج فوده لم يكن حقوقيا كما درسنا ، تعلم في العلوم ، و لكن ربما كان فرج يحمل في جيناته و خصائصه الرسالة الإنسانية .

لقد اتبع الإنجليز في مصر من قبل سياسة فرق تسد و لكن فشل هذا ، فثورة 1919 وحدت مصر قلوبا و فكرا بزعامة الأقباط قبل المسلمين .

و سادت مصر فترة ليبرالية مع نواقصها سادتها حياة دستورية ، لمع فيها الفكر والإبداع حرا ، و تألق كثيرا من الفنانين و الكتاب فقد كانت فترة تألق للعقل المصري .

في عام 1952 حل بنا تغيير انحلال الأحزاب و دخلنا في فترة رجعية نعيشها حتى الآن !!

 

 ·           فرج تقدم كل الصفوف ، وهو بما قدم من فكر في مواجهة كل هذه الرجعية و الظلاميات فقد فدا مصر و فدانا جميعا .

 ·     لقد انتصر فرج حيا و ميتا .. و كتب بدمه شهادة للفكر المصري ليتألق حرا ، و هناك الآن من يعلنون توبتهم من موت فرج و هذا انتصارا له حيا و ميتا .

أما فيما تحدث عنه الأخوة ، فأنا أقول أنه ليس في مصر أقباط و مسلمين ، لم يوجد هذا إلا هذه الفترة فقط التي تسربت إلينا فيها أفكار البداوة و التصحر .

ليس في مصر مواطنين من الدرجة الأولى و الثانية طبقا للدين ، كل مواطنين مصر المحكومين مسلمين و مسيحيين هم مواطنين من الدرجة العاشرة .

 ·    الأزمة أزمة حرية أولا و أخيرا ، الإبداع توقف والاقتصاد معتمد و السياسة معتمدة و أكبر دليل هو قول شارون أنه ليس لمصر دور في الوضع السياسي .

العبرة ليست بالنصوص الواردة في الدستور .

لا يصنع الديمقراطية إلا الديمقراطيون ، والإنسان المصري غريب في بلده .

في النهاية أقول :

أن فرج فوده حيا .. يعيش بيننا .. و قد انتصر فرج فوده .

 

أ / ممدوح نخلة :

نعم ليس هناك مسلمين و مسيحيين ، لكن هناك متقدمين و متخلفين كما أسميهم .

عودة إلى فرج حتى تعلموا مدى مصرية ووطنية هذا الرجل فإن آخر كلمات فرج لصديقه وحيد رأفت كانت :

" لقد فعلت كل هذا من أجل مصر.. "

 

ولا أجد كلمات أختم بها إلا ما قاله البابا شنودة في رثا ء فرج :

 

يا صديقي لست أدري ..  كل ما أدريه أننا سوف نمضي

في سباق الموت.. كلنا نجري بعضنا إثر بعض

فحياتنا مثل بخار يظهر ثم يضمحل .. ثم يمضي

سأبكيك يا فرج حتى ألقاك في بضع أشبار من الأرض

عندما أرحل من هذه الدنيا و أمضي